يحثّ العلماء طالبي العلم على السّفر و لسان حالهم يقول:
ما في المقام لذي عقلٍ و ذي أدبٍ
من راحةٍ فدع الاوطان و اغتربِ
سافر تجد عوضاََ عمّن تفارقه
وارحل فإنّ لذيذ العيش في السّفر
إنّي رأيت وقوف الماء يفسده
إن ساحَ طابَ،و إن لم يجرِ لم يطبِ
و قديما كان محبو العلم و طالبوه اذا سمعوا بوجود عالم في أقصى الدنيا يشدون الرحال اليه ، و وسيلتهم في ذلك سفينة الصحراء او سرج سائح ، فيقطعون الفيافي و المسافات الشاسعة لأجل طلب العلم و للاستماع لهذا العالم الجليل فينهلون منه العلوم الجمة و المعرفة المفيدة .
ولقد قال احد العلماء عن السّفر:
تغرّب عن الاوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائدِ
تفريج همٍّ و اكتساب معيشةٍ و علمٌ و آداب و صحبة ماجدِ
فموت الفتى خيرٌ له من قيامهِ بدار هوانٍ بين واشٍ و حاسدِ
فكم من فتى في بلادنا و بلدان العالم قد شدَّ الرّحال الى بلاد الغرب طلبََا للعلم او للعمل ، و خاصةََ عند الشَدائد و الحروب و ضيق العيش ، فانبرى الى السفر و ركب هول البحار الى بلاد الاغتراب فنال اعلى درجاتِ العلم او أسس لعمل جبّار نال منه استحسان البلد الوافد اليه ، و كذلك رفع رأس بلده عالياََ و اصبح حذوََا يحتذى به و مضرب الأمثال ، فكشف الضّيق عن صدره و تغيّرت معالم وجهه من حزن و يأس الى فرحٍ و عزيمةٍ و مجد فانشرح صدره بانجازاته . و لقد قال الشاعر:
اذا كانت النفوس كبارََا تعبت في مرادها الأجسام
و من يسافر في طلب العلم فهو قد بلغ غاية الكمال فيكتسب العلم و الأخلاق و يحصل من الأدب و العلم اعلى درجاتها و تسمو طباعه .
و كذلك ففي السفر قد يلتقي المرء بأناس طيّبين اماجد يتعلّم منهم الكثير و يتفاعل معهم فيفيدهم و يستفيد منهم . و هذا ما يسمّى بتفاعل الحضارات الانسانيّة .
سعى الانسان دوما الى الانتقال من مكان الى اخر طلبا للعيش و الماء والتجارة و كانالناس الأوائل يسافرون على ظهر الدابة كالاحصنة و الحمير. ثم بدا الانسان بتطويروسائل النقل فاخترع العربة التي تجرها الأحصنة وصولا الى عصر الثورة الصناعية واختراع السيارات و غيرها. اما وسائل السفر الْيَوْمَ فهي عديدة، منها السياراتالضخمة والطائرة والقطار والباخرة و غيرها .
السفر بالسيارات الضخمة يستخدمه الكثيرون الْيَوْمَ لان سيارات الطراز الحديثأصبحت جاهزة للانتقال بين البلدان و تحمل المسافات الطويلة بدون أعطال تذكر. والسفر بالسيارة يتيح لنا فرصة النظر الى جمال الطبيعة و الأماكن التي نقطعها لكنهالا تسمح لنا الا بالتنقل برا مما يمنعنا من قصد الأماكن التي لا وصول لها الا برا اوبحرا كالجزر و البلاد في وسط البحار كالقارة الاوسترالية .
اما ركوب الطائرة فيبعث فيّ شعورا غير مألوف ، إنه شعور الانسان عندما يكون معلقابين السماء و الارض لان ركوبها على الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل دونهمخاطر. فكم من مرة سمعنا بسقوط الطائرات و ضحاياها بالعشرات و المئات، الا انإيجابياتها تفوق سلبياتها.
فهي تقرب المسافات و تنقلنا بسرعة من مشرق الارض الى مغربها و تعبر بِنَا الفيافي والبحار والأراضي الشاسعة في سويعات قليلة لننتقل من عالم الى اخر و من حضارةالى اخرى.
والقطار و هو الأكثر أمانا برأيي على الرغم من الحوادث ، الا انني أُسرّ عند ركوبه، فهويعبر بِنَا من مدينة الى اخرى و من دسكرة الى اختها ، و نحن نتمتع بالنظر الىالمشاهد التي تمر أمامنا قرب ضفاف الأنهار او في وسط الغابات و عند العبور فوقالجسور .
اما الباخرة فهي من وسائل السفر الرائعة التي تمخر الماء و تشق عباب البحر غير آبهةبارتفاع لجج البحار و صخبها و الركوب فيها متعة للناظرين بالاضافة الى قدرة وسائلالنقل البحرية على حمل الأوزان الهائلة و نقل البضائع والخضار والفواكه من بلاد الىاخرى .لكننا لا ننسى ان بعض الحوادث البحرية يذهب ضحيتها المئات بالاضافة الىان وسائل النقل البحرية تبقى بطيئة اكثر من وسائل النقل الاخرى.
ان وسائل النقل المتعددة و المتوفرة في هذا القرن الحادي و العشرين جلّها مريحة وتفي بالغاية التي لاجلها يسافر الانسان و ينتقل من مكان الى اخر بهدف العملوالسياحة و التجارة و الدراسة و زيارة الاقارب لا سيما المغتربين و العبادة كسفر الحجبالاضافة الى بعض الأسفار طلبا للعلاج و الشفاء. فقصد بلاد الاغتراب لحصد سنابلالعلم والتفوق او لجَني الأموال و تحسين الأحوال المعيشية للأفراد هو نتيجة توفر فرصأفضل و اكبر في بلاد الاغتراب بعد ان يضيق الحال في الوطن. و هكذا يكون السفرحلا لتوفير تحصيل علمي اكبر او للخلاص من براثن الضيق المادي الذي يثقل كاهلالمواطن.
كم أتمنى ان يكون السفر للمتعة فقط و خاصة للبنانيين حتى لا يخسر هذا الوطنالعقول الواعدة و الطاقات الكامنة التي لا يمكن الاستغناء عنها من اجل بناء غدأفضل
أمجد ناصر
طارق عطري
صلاح السبع
No comments:
Post a Comment